كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الخامس أنه وصفهم بكونهم أولى العلم وهذا يدل على اختصاصهم به وانهم اهله واصحابه ليس بمستعار لهم السادس أنه سبحانه استشهد بنفسه وهو أجل شاهد ثم بخيار خلقه وهم ملائكته والعلماء من عباده ويكفيهم بهذا فضلا وشرفا.
السابع أنه استشهد بهم على أجل مشهود به وأعظمه وأكبره وهو شهادة أن لا إله إلا الله والعظيم القدر إنما يستشهد على الأمر العظيم أكابر الخلق وساداتهم.
الثامن أنه سبحانه جعل شهادتهم حجة على المنكرين فهم بمنزلة آدلته وآياته وبراهنيه الدالة على توحيده.
التاسع أنه سبحانه أفرد الفعل المتضمن لهذه الشهادة لصادرة منه ومن ملائكته ومنهم ولم يعطف شهادتهم بفعل آخر غير شهادته وهذا يدل على شدة ارتباط شهادتهم بشهادته فكأنه سبحانه شهد لنفسه بالتوحيد على ألسنتهم وأنطقهم بهذه الشهادة فكان هو الشاهد بها لنفسه إقامة وإنطاقا وتعليما وهم الشاهدون بها له إقرارا واعترافا وتصديقا وإيمانا.
العاشر أنه سبحانه جعلهم مؤدين لحقه عند عباده بهذه الشهادة فإذا أدوها فقد أدوا الحق المشهود به فثبت الحق المشهود به فوجب على الخلق الإقرار به وكان ذلك غاية سعادتهم في معاشهم ومعادهم وكل من ناله الهدى بشهادتهم وأقر بهذا الحق بسبب شهادتهم فلهم من الأجر مثل أجره وهذا فضل عظيم لا يدرى قدره إلا الله وكذلك كل من شهد بها عن شهادتهم فلهم من الأجر مثل أجره أيضا فهذه عشرة أوجه في هذه الاية.
الحادي عشر في تفضيل العلم وأهله أنه سبحانه نفي التسوية بين أهله وبين غيرهم كما نفى التسوية بين أصحاب الجنة وأصحاب النار فقال تعالى: {قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون} كما قال تعالى: {لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة} وهذا يدل على غاية فضلهم وشرفهم.
الوجه الثاني عشر أنه سبحانه جعل أهل الجهل بمنزلة العميان الذين لا يبصرون فقال: {أفمن يعلم إنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى} فما ثم إلا عالم أو أعمى وقد وصف سبحانه أهل الجهل بأنهم صم بكم عمي في غير موضع من كتابه.
الوجه الثالث عشر أنه سبحانه أخبر عن أولى العلم بأنهم يرون أن ما أنزل إليه من ربه حقا وجعل هذا ثناء عليهم واستشهادا بهم فقال تعالى: {ويرى الذين أوتو العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق}.
الوجه الرابع عشر أنه سبحانه أمر بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم وجعل ذلك كالشهادة منهم فقال: {وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
وأهل الذكر هم أهل العلم بما أنزل على الأنبياء.
الوجه الخامس عشر أنه سبحانه شهد لأهل العلم شهادة في ضمنها الاستشهاد بهم على صحة ما أنزل الله على رسوله فقال تعالى: {أفغير الله أبتغى حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين}.
الوجه السادس عشر أنه سبحانه سلى نبيه بإيمان أهل العلم به وأمره أن لا يعبأ بالجاهلين شيئا فقال تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا}.
وهذا شرف عظيم لأهل العلم وتحته أن أهله العالمون قد عرفوه وآمنوا به وصدقوا فسواء آمن به غيرهم أو لا.
الوجه السابع عشر أنه سبحانه مدح أهل العلم وأثنى عليهم وشرفهم بأن جعل كتابه آيات بينات في صدورهم وهذه خاصة ومنقبة لهم دون غيرهم فقال تعالى: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} وسواء كان المعنى أن القرآن مستقر في صدور الذين أوتوا العلم ثابت فيها محفوظ وهو في نفسه آيات بينات فيكون أخبر عنه بخبرين:
أحدهما أنه آيات بينات.
الثاني أنه محفوظ مستقر ثابت في صدور الذين أوتوا العلم أو كان المعنى أنه آيات بينات في صدورهم أي كونه آيات بينات معلوم لهم ثابت في صدورهم والقولان متلازمان ليسا بمختلفين وعلى التقديرين فهو مدح لهم وثناء عليهم في ضمنه الاستشهاد بهم فتأمله.
الوجه الثامن عشر أنه سبحانه أمر نبيه أن يسأله مزيد العلم فقال تعالى: {فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما}.
وكفى بهذا شرفا للعلم أن أمر نبيه أن يسأله المزيد منه الوجه التاسع عشر أنه سبحانه أخبر عن رفعة درجات أهل العلم والإيمان خاصة فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بماتعملون خبير} وقد أخبر سبحانه في كتابه برفع الدرجات في أربعة مواضع:
أحدها هذا.
والثاني قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أؤلئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}.
والثالث قوله تعالى: {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأؤلئك لهم الدرجات العلى}.
والرابع قوله تعالى: {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة}.
فهذه أربعة مواضع في ثلاثة منها الرفعة بالدرجات لأهل الإيمان الذي هو العلم النافع والعمل الصالح والرابع الرفعة بالجهاد فعادت رفعة الدرجات كلها إلى العلم والجهاد اللذين بهما قوام الدين.
الوجه العشرون أنه سبحانه استشهد بأهل العلم والإيمان يوم القيامة على بطلان قول الكفار فقال تعالى: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون}.
الوجه الحادي والعشرون أنه سبحانه أخبر أنهم أهل خشيته بل خصهم من بين الناس بذلك فقال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور} وهذا حصر لخشيته في أولى العلم وقال تعالى: {جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه}.
وقد أخبر أن أهل خشيته هم العلماء فدل على أن هذا الجزاء المذكور للعلماء بمجموع النصين وقال ابن مسعود رضى الله عنه كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا.
الوجه الثاني والعشرون أنه سبحانه أخبر عن أمثاله التي يضربها لعباده يدلهم على صحة ما أخبر به أن أهل العلم هم المنتفعون بها المختصون بعلمها فقال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}.
وفي القرآن بضعة وأربعون مثلا وكان بعض السلف إذا مر بمثل لا يفهمه يبكي ويقول لست من العالمين.
الوجه الثالث والعشرون أنه سبحانه ذكر مناظرة إبراهيم لأبيه وقومه وغلبته لهم بالحجة وأخبر عن تفضيله بذلك ورفعه درجته بعلم الحجة فقال تعالى عقيب مناظرته لأبيه وقومه في سورة الأنعام {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم}.
قال زيد بن أسلم رضى الله عنه نرفع درجات من نشاء بعلم الحجة.
الوجه الرابع والعشرون أنه سبحانه أخبر أنه خلق الخلق ووضع بيته الحرام والشهر الحرام والهدى والقلائد ليعلم عباده أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فقال تعالى: {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} فدل على أن علم العباد بربهم وصفاته وعبادته وحده هو الغاية المطلوبة من الخلق والأمر.
الوجه الخامس والعشرون أن الله سبحانه أمر أهل العلم بالفرح بما آتاهم وأخبر أنه خير مما يجمع الناس فقال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.
وفسر فضل الله بالإيمان ورحمته بالقرآن والإيمان والقرآن هما العلم النافع والعمل الصالح والهدى ودين الحق وهما أفضل علم وأفضل عمل.
الوجه السادس والعشرون أنه سبحانه شهد لمن آتاه العلم بأنه قد آتاه خيرا كثيرا فقال تعالى: {يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا}.
قال ابن قتيبة والجمهور الحكمة إصابة الحق والعمل به وهي العلم النافع والعمل الصالح.
الوجه السابع والعشرون أنه سبحانه عدد نعمه وفضله على رسوله وجعل من أجلها أن آتاه الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم فقال تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} الوجه الثامن والعشرون أنه سبحانه ذكر عباده المؤمنين بهذه النعمة وأمرهم بشكرها وأن يذكروه على إسدائها إليهم فقال تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}.
الوجه التاسع والعشرون أنه سبحانه لما أخبر ملائكته بأنه يريد أن يجعل في الأرض خليفة قالوا له {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا أنك أنت العليم الحكيم} إلى آخر قصة آدم وأمر الملائكة بالسجود لآدم فأبى ابليس فلعنه وأخرجه من السماء وبيان فضل العلم من هذه القصة من وجوه:
أحدها أنه سبحانه رد على الملائكة لما سألوه كيف يجعل في الأرض من هم أطوع له منه فقال: {إني أعلم ما لا تعلمون} فأجاب سؤالهم بأنه يعلم من بواطن الأمور وحقائقها ما لا يعلمونه وهو العليم الحكيم فظهر من هذا الخليفة من خيار خلقه ورسله وأنبيائه وصالحي عباده والشهداء والصديقين والعلماء وطبقات أهل العلم والإيمان من هو خير من الملائكة وظهر من إبليس من هو شر العالمين فأخرج سبحانه هذا وهذا والملائكة لم يكن لها علم لا بهذا ولا بهذا ولا بما في خلق آدم وإسكانه الأرض من الحكم الباهرة.
الثاني أنه سبحانه لما أراد إظهار تفضيل آدم وتمييزه وفضله ميزه عليهم بالعلم فعلمه الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين جاء في التفسير إنهم قالوا لن يخلق ربنا خلقا هو أكرم عليه منا فظنوا أنهم خير وأفضل من الخليفة الذي يجعله الله في الأرض فلما امتحنهم بعلم ما علمه لهذا الخليفة أقروا بالعجز وجهل ما لم يعلموه فقالوا: {سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا أنك أنت العليم الحكيم} فحينئذ أظهر لهم فضل آدم بما خصه به من العلم فقال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم أقروا له بالفضل.
الثالث أنه سبحانه لما أن عرفهم فضل آدم بالعلم وعجزهم عن معرفة ما علمه قال لهم {ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} فعرفهم سبحانه نفسه بالعلم وأنه أحاط علما بظاهرهم وباطنهم وبغيب السموات والأرض فتعرف إليهم بصفة العلم وعرفهم فضل نبيه وكليمه بالعلم وعجزهم عما آتاه آدم من العلم وكفى بهذا شرفا للعلم.
الرابع أنه سبحانه جعل في آدم من صفات الكمال ما كان به أفضل من غيره من المخلوقات وأراد سبحانه أن يظهر لملائكته فضله وشرفه فأظهر لهم أحسن ما فيه وهو علمه فدل على أن العلم أشرف ما في الإنسان وأن فضله وشرفه إنما هو بالعلم ونظير هذا ما فعله بنبيه يوسف عليه السلام لما أراد إظهار فضله وشرفه على أهل زمانه كلهم أظهر للملك وأهل مصر من علمه بتأويل رؤياه ما عجز عنه علماء التعبير فحينئذ قدمه ومكنه وسلم إليه خزائن الأرض وكان قبل ذلك قد حبسه على ما رآه من حسن وجهه وجمال صورته ولما ظهر له حسن صورة علمه وجمال معرفته أطلقه من الحبس ومكنه في الأرض فدل على أن صورة العلم عند بني آدم أبهى وأحسن من الصورة الحسية ولو كانت أجمل صورة وهذا وجه مستقل في تفضيل العلم مضاف إلى ما تقدم فتم به ثلاثون وجها.
الوجه الحادي والثلاثون أنه سبحانه ذم أهل الجهل في مواضع كثيرة من كتابه فقال تعالى: {ولكن أكثرهم يجهلون} وقال: {ولكن أكثرهم لا يعلمون} وقال تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} فلم يقتصر سبحانه على تشبيه الجهال بالأنعام حتى جعلهم أضل سبيلا منهم وقال: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} أخبر أن الجهال شر الدواب عنده على اختلاف أصنافها من الحمير والسباع والكلاب والحشرات وسائر الدواب فالجهال شر منهم وليس علي دين الرسل أضر من الجهال بل أعداؤهم على الحقيقة وقال تعالى لنبيه وقد أعاذه {فلا تكونن من الجاهلين} وقال كليمه موسى عليه الصلاة والسلام {أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} وقال لأول رسله نوح عليه السلام {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} فهذه حال الجاهلين عنده والأول حال أهل العلم عنده وأخبر سبحانه عن عقوبته لأعدائه أنه منعهم علم كتابه ومعرفته وفقهه فقال تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} وأمر نبيه بالإعراض عنهم.
فقال: {وأعرض عن الجاهلين} وأثنى على عباده بالإعراض عنهم ومتاركتهم كما في قوله: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} وقال تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} وكل هذا يدل على قبح الجهل عنده وبغضه للجهل وأهله وهو كذلك عند الناس فإن كل أحد يتبرأ منه وإن كان فيه.
الوجه الثاني والثلاثون أن العلم حياة ونور والجهل موت وظلمة والشر كله سببه عدم الحياة والنور والخير كله سببه النور والحياة فإن النور يكشف عن حقائق الأشياء ويبين مراتبها والحياة هي المصححة لصفات الكمال الموجبة لتسديد الأقوال والأعمال فكلما تصرف من الحياة فهو خير كله كالحياء الذي سببه كمال حياة القلب وتصوره حقيقة القبح ونفرته منه وضده الوقاحة والفحش وسببه موت القلب وعدم نفرته من القبيح وكالحياء الذي هو المطر الذي به حياة كل شيء قال تعالى: {أو من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} كان ميتا بالجهل قلبه فأحياه بالعلم وجعل له من الإيمان نورا يمشى به في الناس وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} وقال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أؤلئك أصحاب النار هم فيها خالدون} وقال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} فأخبر أنه روح تحصل به الحياة ونور يحصل به الإضاءة والإشراق فجمع بين الأصلين الحياة والنور وقال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} وقال تعالى: {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير} وقال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا}.